السبت، أكتوبر 09، 2010

نشنت يا فالح؟

بقلم محمد سلماوى ٨/ ١٠/ ٢٠١٠
قال لى صديقى القديم عبدالعليم عبدالخبير: دوّن فى مفكرتك هذا الأسبوع أن مقال الدكتور محمد البرادعى الذى نشرته أمس الأول جريدة «الدستور» هو أهم مقال نشر هذا العام، وأنه سيدخل التاريخ باعتباره أهم عمل سياسى قام به الدكتور البرادعى منذ عودته إلى مصر - وإن كان بشكل متقطع - بعد انتهاء عمله بالعاصمة النمساوية فيينا.

ونظراً لثقتى الكبيرة فى صديقى العليم ببواطن الأمور والخبير بكل شىء، فقد فعلت ما أشار علىّ به، رغم أننى لم أكن قد قرأت المقال المذكور بعد، ثم عدت بعد ذلك إلى عدد «الدستور» الصادر يوم الأربعاء الماضى، فقرأت المقال الذى كان يحمل عنوان «حرب أكتوبر.. ما هو أكبر من الانتصار؟».

والحقيقة أننى أصبت بخيبة أمل فى المقال وفى صديقى عبدالعليم عبدالخبير، وقررت أن أمحو ما كتبته فى مفكرتى حول هذا الموضوع، لكن قبل أن أفعل ذلك اتصلت بالدكتور عبدالعليم عبدالخبير وقلت له بلا سلام ولا كلام: يا رجل.. كيف تكون عليماً ببواطن الأمور وخبيراً بكل شىء ثم تجعلنى أقع فى هذا الخطأ الفادح فأدون فى مفكرتى هذا الوصف لمقال لم يفعل إلا أن كرر ما يقال عن حرب أكتوبر المجيدة منذ ٣٧ عاماً، من رئيس الجمهورية حتى أصغر شخص فى البلد، وهو أن علينا أن نستلهم روح أكتوبر فى حل مشاكل البلاد؟!

كنت منفعلاً بعض الشىء على الدكتور عبدالعليم عبدالخبير، فلم أترك له فرصة للرد وواصلت حديثى: إن حرب أكتوبر كما ورد فى المقال قامت على مجموعة من المبادئ مثل التخطيط العلمى السليم والانضباط والعمل الجماعى، وقد سئم طلبة المدارس من موضوعات الإنشاء المتكررة كل عام التى تقول لهم: قامت حرب أكتوبر على التخطيط العلمى والانضباط والعمل الجماعى، فكيف نستلهم تلك القيم فى حياتنا اليومية؟ أكتب فى هذا الموضوع.

قال لى الدكتور عبدالعليم عبدالخبير: الحكاية مش حكاية السد، حكاية الكفاح اللى ورا السد، فصديقى خبير أيضاً فى الأغانى بنوعيها العاطفى والوطنى.

ثم واصل حديثه قائلاً: المقال لم يكن مقصوداً فى حد ذاته، إنما المقصود هو ما وراء المقال، أنا معك فى أن المقال ليس به جديد، لقد بحثت طويلاً عن فكرة واحدة فيه جديدة أو مبتكرة تجعله جديراً بأن يكون أول مقال يكتبه الدكتور البرادعى للصحافة المصرية فلم أجد، ولكن انظر لما أحدثه المقال.

قلت: يا ليته ما أحدث شيئاً. لقد تسبب - حسبما قيل - فى إقالة رئيس تحرير كبير له بصمة لا تنكر فى الصحافة المصرية، وهو أحد من قامت على أكتافهم الصحافة المستقلة.

قال: بصرف النظر عن قيمة إبراهيم عيسى وما يبدو فى حديثك من تقدير خفى له، فإن المهم هو أن المقال حقق أول أهداف حملة الدكتور البرادعى وهو التغيير. هل كان أحد يتصور «الدستور» دون صديقك إبراهيم عيسى؟ لقد أثبت البرادعى أن ذلك ممكن، أن التغيير ممكن.

قلت: يا صديقى عبدالعليم عبدالخبير، هل تريد أن تقول إن البرادعى جاء إلينا من فيينا ليغير رئيس تحرير جريدة «الدستور»؟

قال: لقد جاء رافعاً لواء التغيير. جاء ليعلن أن التغيير هو الأمل فى مستقبل البلاد. والأهم من ذلك أنه جاء ليعلن أن التغيير ممكن.

قلت: بصرف النظر عما يبدو فى حديثك من إعجاب خفى بالدكتور البرادعى، إن التغيير أيها الصديق العليم ببواطن الأمور والخبير بكل شىء، لا يكون عشوائياً ولا اعتباطاً، بل يجب أن يخضع - مثل حرب أكتوبر - للتخطيط المدروس والتفكير العقلانى.

فواصل صديقى حديثه فى حماس كأنه لم يسمعنى: إن التغيير الذى طالب به البرادعى قد تحقق.. إن تغيير رئيس تحرير «الدستور» هو أول طلقة وستتلوها حتماً طلقات أخرى فى حرب التغيير المجيدة.

قلت: لكن الطلقة أخطأت الهدف، وهذا يذكرنى بمسرحية لم أشاهدها، لكنك لابد أنك تذكرها بحكم خبرتك فى المسرحيات بنوعيها الكوميدية والتراجيدية، كل ما أتذكره من اسمها هو أنه كان عن التصويب الخاطئ.

قال وقد فتر حماسه وخفت صوته: لا أذكرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق